استكمالاً لمقال يوم امس 1, يرى مؤيدو الخروج البريطاني من منظومة الاتحاد الاوروبي أنه سيوفر أموال بريطانيا، وسيسمح بإبرام اتفاقيات تجارية اكثر مرونة للبلاد مع دول خارج الاتحاد تشهد نمواً اقتصادياً مثل الهند والتي تطرقت لموضوعها ومستقبلها الاقتصادي في المقال 2.
ان الهاجس الاكبر الذي تسوق له الحكومة البريطانية ومؤيديها للبقاء داخل الاتحاد الاوروبي ان هنالك خطراً يتعلق بهروب رؤوس الاموال من بريطانيا, والتي تعد رابع اكبر مستقبل للاستثمار الاجنبي المباشر في العالم حسب تقرير الاستثمار العالمي للعام 2015 وبحجم استثمارات صافية تقدر 68 مليار دولار.
تقود بعض دول اسيا جزءاً من الاستثمارات المباشرة وغير المباشرة في المملكة المتحدة, تجاوزت مجتمعه 74 مليار جنية استرليني مع نهاية العام 2014, تخطت فيها الهند الاستثمار الاجنبي الصيني بمقدار الضعف. وفي السياق نفسة, احتلت الهند المركز الثالث في عدد المشاريع المباشرة داخل المملكة المتحدة بعد الولايات المتحدة الامريكية وفرنسا.
واطرح مثالاً هنا شركة تاتا الهندية المالك لشركتي جاكوار ولاند روفر البريطانية لصناعة السيارات, أي ان المستثمر الهندي كغيرة من المستثمرين يتطلع لسوق يستطيع من خلاله تصريف بضائعه دون عوائق تشريعية او ضريبية قد يفقدها المستثمرين داخل السوق البريطاني اذا ما حدث الخروج وهو مثال على فكرة هروب رؤوس الاموال من بريطانيا.
بالعودة الى عنوان المقال الفرصة الخليجية وفوائد الخروج البريطاني قد احتاج الى ان ادمج الاستقبال الخليجي لرأسمال هارب واعادة توضيبه وتصديره من جديد الى بلد كالهند (والذي قد يكون موطنه الاصلي) ولكن مع مساهمة خليجية ومن ارض خليجية.
واذا تطرقنا الى موضوع الطاقة من جديد فأنه لا يوجد سبب شافٍ لانخفاض اسعار الطاقة العالمية اكثر من الطلب, لكن في نفس الوقت أثُني على موقف الدول الخليجية لتصديها للاستثمارات الجديدة في قطاعة الطاقة العالمي والضغط على اسعار الطاقة نحو الانخفاض لكبح أي استثمارات جديدة قد تزيد الفائض العالمي من الطاقة مع قلة الطلب لتباطؤ النمو العالمي ومزاحمة الدول المصدرة للطاقة على حصة الدول الخليجية السوقية العالمية.
اما على الجانب الخليجي-الهندي نجد ان هناك نشاطاً سياسياً غير مسبوق, من زيارات متبادلة لتعزيز التبادل التجاري ومستقبل العمالة الهندية والتي تقدر بسبعة ملايين عامل داخل منظومة دول مجلس التعاون الخليجي وتصدر نحو 40 مليار دولار من حوالات العاملين, مما يعني ورقة ضغط عربية لاستثمارات داخل الهند او للحفاظ على الحصة التصديرية للنفط والغاز الخليجي وخاصة وان الطرح الان ان يكون شكل هذا التبادل التجاري “نفط مقابل الغذاء” يلبي متطلبات الطرفيين, اما معيقات هذا النشاط الغير مسبوق ان الهند ولليوم لا تسمح للشركات الاجنبية وخاصة العربية الاستثمار في قطاعات مهمة وحيوية تحتكرها لمواطنيها او لمؤسساتها تحدد من خلالها فرص الاستثمار, ومن هنا وحتى اعود بالنص الى سياقة لماذا لا تستقبل الدول الخليجية الرأسمال الهارب من بريطانيا, وتحديداً الهندي منها حتى يصبح لنا يداً هندية شريكاً في استثمارات كانت صعبة المنال سابقاً.
اما الخيار والذي اميل له اكثر ان تستخدم الشركات الخليجية نظيراتها البريطانية والطامحة للخروج باحثة عن اسواق ناشئة جديدة اذا ما تم الخروج من الاتحاد الاوروبي لتعويض الفاقد من الخسارة التجارية للاتحاد الاوروبي, لقدرة الشركات البريطانية والحكومات البريطانية على خلق نوافذ استثمارية وقبول عالمي اكبر لدول ناشئة شبيهة بالهند, وذلك لوجود بنية تحية تخرج مع المستثمر البريطاني من بنوك وشركات لوجستية تدعم مشاريعه الخارجية بالإضافة الى القبول العام للمنظومة الهندية للمستثمر الانجليزي وافساح المجال امامه للحصول على مشاريع قد تكون مغلقة على المستثمر الخليجي او الغير غربي.
ركز هذا المقال على الهند والمستثمرين الهنود في بريطانيا والفرص الاستثمارية المغلقة في الهند, وذلك لطبيعة العلاقة بين الهند وبريطانيا وطريقة النظرة الهندية للمستعمر التاريخي, وبنفس الوقت العلاقات الخليجية العربية, أي ان هذا الدمج قد يخلق محوراً استثمارياً يخدم مصالح من خرج من الاتحاد الاوروبي, والخليجي الذي يبحث عن اسواق تستقبل نفطة وشركات تبني معه اقتصاداً جديداً لا يعتمد في جُله على النفط تستفيد من تجارب تلك الدول في مجال المشاريع الصغيرة والمتوسطة لما لها من دور فعال في نمو الاقتصاديات والذي ترجوه الدول الشقيقة, واخيراً الهند التي تحتاج الى كل درهم ً لبناء الطموح الهندي لتكون الصين الجديدة خلال اقل من عقد من الزمان.
في النهاية هذا لا يعني ان لا يستفيد الخليج العربي من المحور الاستثماري حتى وان لم تخرج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي.
آخر التعليقات